الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى ءاله وصحبه ومن والاه
أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من العلم ولم يأمره بطلب الازدياد بالمال والولد لأن العلم أفضل الأعمال (يعني العلم بالله) وأفضل العلم العلمُ بالله ورسوله هذا أفضل العلم، ويُسمى علم التوحيد.
سمّاه الإمام أبو حنيفة الفقه الأكبر لأنه هو أساس علم الدين أساس الإسلام، لا يحصل الإسلام بدونه، ومن مزاياه أن من عرف الله على مذهب أهل السنة والجماعة وعرف نبيّه ومات على هذا الاعتقاد يدخل جنة الله مهما كان عليه من الذنوب ، بعض الذين يموتون على علم التوحيد مهما كان عليهم ذنوب يُسامحهم الله ولا يُعذبهم وبعضهم يُعذبهم ثم يُخرجهم من النار ويدخلهم الجنة ، هذه مزية علم التوحيد.
أما سائر العلوم كالصلاة والصيام والزكاة وغيرها من علوم الأحكام ليس لها هذه المزية ولا تضمن لصاحبها هذا فكم من أناس حفظوا القرءان ويُكثرون من فعل الصلاة والصيام ولم يتعلموا علم التوحيد وكانوا يعتقدون أن الله جسمٌ هؤلاء كفار، هؤلاء كفار لا ينفعهم قول لا إله إلا الله باللفظ، ما عرفوا الله فكل أعمالهم غير مقبولةعند الله.
هذا العلم علم التوحيد هو من أهم العلوم كان المسلمون في العصور الأولى يهتمون به أكثر من الذين جاءوا بعدهم هذا أبو حنيفة النعمان بن ثابت ولد سنة ثمانين للهجرة تعلم العلم ممن تعلم من الصحابة هو التقى ببعض الصحابة ولكن ما أخذ العلم منهم إنما أخذه ممن أخذوه من بعض الصحابة.
الموجود يقال له شيء، الله يقال له شيء وكذلك الملائكة والإنسان.
قال أبو حنيفة: "إن الله تبارك وتعالى شيء لا كالأشياء"، كل ما دخل في الوجود يكون من شيئين الجسم وصفة الجسم فمن الأجسام ما هو لطيف كالنور والظلام والأجسام الكثيفة ما يمكن ضبطه باليد ما يمكن جسُّه كالإنسان.
العالم جسم وصفات الجسم كالحركة والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والانفعال من فرح إلى حزن أو من اللذة إلى الألم أو من الانبساط إلى الانقباض.
الريح التي لا يستحسن الإنسان شمّها والريح التي يستحسن الإنسان شمّها كلاهما جسم والعالم لا يخرج عن هذا، إما أن يكون جسمًا أو صفة الجسم. الله لا يشبه هذا كلَّه .
ومن صفات الجسم المقدار والكمية لا يوجد جسم إلا وله مقدار وكمية حبة الخردل لها كمية وحبة العدس وحبة الحمص والعنب كذلك والبِطيخ وما هو أكبر من ذلك إلى أن ينتهي الكِبر في الحجم إلى العرش، الله خلق العرش وجعله أكبر شيء ولو شاء لخلق أكبر منه، الله خصّ العرش بذلك الحجم وخصّ السماء والأرض بهذه الأحجام .
كل هذه الأشياء الله خصّها بكميّات والعرش خصّه بأكبر حجم ثم السماء والأرض أقل، والإنسان الله خصّه بهذا الحجم كل المخلوقات كل العالم إما جسم أو صفة الجسم، الله لا يشبه هذا كلَّه. موجودٌ لا كالموجودات ويقال شيء لا كالأشياء.
فمن اعتقد أن الله جسمًا من الأجسام كفر ومن قال أن له صفة من صفات الخلق كفر ومن اعتقد أن الله ساكنًا دائمًا بلا حركة كفر ومن اعتقد أنه يتحرك أحيانًا كفر لأنه لو كان كذلك كان له أمثال من خلقه ولو كان له مقدار وكمية لكان له أمثال ولو كان تعتريه الانفعالات لكان له أمثال في خلقه، من هنا قال علماء التوحيد الله ذاته لا يشبه الذوات أي حقيقته لا يشبه الحقائق وصفاته لا تشبه صفات غيره له حياة أزلية أبدية وله قدرة ومشيئة أزليتان أبديتان كحياته وله علم كحياته لا يزيد ولا ينقص حياته لا تزيد ولا تنقص وكذلك علمه لا يزيد ولا ينقص ولا ينقطع وكلامه كذلك، هو كلام ليس حرفًا ولا صوتًا، لو كان يتكلم بحرف وصوت لكان له أمثال هذا الكلام كحياته كلام واحد ليس له ابتداء ولا انتهاء ليس فيه تجزؤ ليس فيه انقطاع من وقت إلى وقت نحن نتكلم بكلام حادث كلامنا لم يكن ثم يكون كلام الله لا نستطيع أن نتصوره لكن نؤمن به فهو ليس حرفًا ولا صوتًا كلامه واحد لا انقطاع له ولا انتهاء له، والقرءان والتوراة والإنجيل والزبور هذه الكتب الأربعةُ ألفاظها حروفها عبارة عن الكلام الذاتي الذي ليس حرفًا ولا صوتًا، هذه الحروف مخلوقة كيف لا تكون مخلوقة ويدفع بعضها بعضًا، إذا قرأنا القرءان نبدأ بالباء ثم السين ثم الميم وننتهي بالسين من قوله تعالى {من الجِنّة والناس}.
هذه حروف الله لا يتكلم بها ولكن كتبها في اللوح المحفوظ وخلق لجبريل صوتًا بحروف القرءان حفظه بهذا الترتيب ثم سمع الكلام الذي ليس حرفًا ولا صوتًا وفهم منه أنه يقرأ القرءان على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقرأ جبريل القرءان على محمد ثم محمد قرأه على الصحابة، هذا مذهب أهل السنة السلف والخلف والصحابة، ثم طلع أناس حرّفوا ذلك ومنهم الوهابية فقالوا الله يتكلم بالصوت والحرف كما نحن نتكلم، منذ مئتي سنة .
فهذه صفة حادثة لا بد أن تكون بحادث هؤلاء شبّهوا الله بخلقه.
أهل السنة قالوا القرءان كلام الله غير مخلوق ومرادهم بهذا صفة الله الذاتية لا يقصدون هذه العبارات والحروف إنما هي حادثة نحن نقرأها ثم ننتهي منها كيف لا تكون مخلوقة ! ولكن مرادهم كلام الله غير مخلوق أي الكلام الذاتي، أما هذه الحروف عبارة تدلّ عنه لا يعنون أن هذه الألفاظ غير مخلوقة، نحن مخلوقون كنا معدومين ثم صرنا موجودين هذه الحروف كيف لا تكون مخلوقة ! فمن يقول عن هذه إنها قديمة غير مخلوقة إما أن يكون عديم العقل وإما أن يكون مُعاند.
لا نقول القرءان مخلوق أدبًا ولو أرادنا اللفظ المخلوق هذا لا يجوز هذا اللفظ منزّل لا نقول مخلوقًا من باب الأدب، ولكن نحن نعتقد أن هذه الحروف مخلوقة، عند التعليم يُقال هذه الحروف مخلوقة أما لغير التعليم لا يُقال.
فمن قال القرءان مخلوق وقصد به الكلام الذاتي كفر أما من قال القرءان مخلوق ولم يقصد به ذلك بل قصد هذه الحروف التي تُقرأ واللفظ فلا يكفر ولكن حرامٌ إلا في مقام التعليم. ثم بعد هذا أي بعد معرفة التوحيد على أصول أهل السنة أهم شيء تجنّب الكفريّات من القول والفعل.
العلماء أثناء المئات الأولى التي مضت بيّنوا في مؤلفاتهم من قال كذا يكفر ومن فعل كذا يكفر .
من شدة الجهل في هذا الزمن بعض الناس يقولون عنا (هؤلاء يُكفّرون الناس) الوهابية يقولون عنا (جماعة تكفير) وحزب التحرير يحاربوننا بهذا يقولون عنا هؤلاء يكفّرون الناس ، هم يُكفّرون الناس . الوهابية عندهم من لا يعتقد أن الله جالس على العرش كافر جعلوا الكفر إيمانًا والإيمان كفرًا وحزب الأخوان يقولون عنا جماعة تكفير.
لماذا ؟ لأننا نقول للناس هؤلاء جماعة مخالفون للشرع ! وحزب التحرير أيضًا يقولون أشياء مخالفةً، يقولون حواء ما خُلقت من ضلع ءادم وسيد قطب كان منذ سبعين سنة كان يقول البشر كلهم كفار كفروا لأنهم يعيشون تحت حُكّام يحكمون بخلاف القرءان، نحن نحاربهم لنُبيّن للناس أنهم ضالون كذّبوا القرءان ما عندهم ما يردّون به علينا فلجأوا إلى الكذب علينا وصاروا يقولون للناس هؤلاء جماعة تكفير يُكفرون العلماء (سأل الشيخ أحد مشايخنا عن افتراءاتهم علينا فذكر له قولهم أننا نحرّم أكل العسل لأن النحلة ترعى في بستان الغير بدون إذنه، وأننا نحرّم أكل البيض لأن الديك لم يعمل نكاحًا على الدجاجة .
فضحك الشيخ مستهجنًا) ثم قال هم يُكفرون الناس جملة أما نحن نُكفّر من حصل منه كفرًا ونحن لسنا أول من يقول هذا، العلماء ألّفوا كتبًا ببيان الكفريات لأنه كان يوجد في زمانهم من يخرج منه كلام فيه كفر فلسنا أول من فعل هذا.
أيضًا كان من المالكية والشافعية والحنفية من ألّف بهذا كأبي عليّ السَكوني وهو من إشبيلية من الأندلس، بعضهم كان يقول في كتابه من قال كذا كفر. من شدّة حقدهم علينا نسبوا إلينا ما لا يقبله العقل.
الإمام الشافعي رضي الله عنه ولد سنة مائة وخمسين للهجرة هو قال "المجسّم كافر"، وورد في الحديث: "عالم قريش يملأ طباق الأرض علمًا " العلماء فكّروا من يكون هذا العالم ؟ من يكون بهذه الصفات؟ فقالوا إنه الشافعي والآن أكثر بلاد المسلمين شافعية ثم الحنفية ثم المالكية ثم الحنبلية، الحنابلة قلّةٌ كثيرٌ منهم فسدوا صاروا يقولون الله موجود في السماء أو على العرش وصاروا يقولون له أعضاء.
الإمام أحمد بن حنبل نفسه قال: "من قال الله جسمٌ لا كالأجسام كفر" فكيف الذي يقول يسكن ويجلس!! نحن نؤيّد ما عليه السابقون الأوّلون من السلف والخلف نحن معهم، السلف من كانوا في المائة الأولى والثانية والثالثة من الهجرة وما بعد ذلك فيقال لهم الخلف.
أما الوهابية يوهمون الناس أنّ منهجهم يوافق السلف فسموا أنفسهم بالسلفية . الشافعي قال "المجسّم كافر" وأحمد قال "من قال الله جسم لا كالأجسام كفر" مالك أقدم من الشافعي.
الوهابية يقولون الذي لا يكون في مكان معناه غير موجود. العالم ما كان، والجهات الست ما كانت، الله كان قبلهابلا مكان فكيف لا يصح بعد أن أوجدها أن يكون بلا مكان ..!
وسبحان الله والحمد لله. منقول للافاده