الحمد لله وكفى وصلاتا وسلاما على عبادة الذين أصطفى أما بعد
أعلم رحمك الله تعالى أن الله خلق الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له كما في قوله تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } سورة الذاريات
والمقصود بالعبادة هو التوحيد لأن الخصومة بين النبي والقوم دائماً هو التوحيد كما قال الله تبارك وتعالى {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}
اعلم أرشدك الله تعالى أن التوحيد قد قسم إلى ثلاث أقسام
توحيد الألوهية
توحيد الربو بيه
توحيد الأسماء والصفات
أولاً – توحيد الألوهية
*************
أعلم أن معنى توحيد الالوهيه اختصارا هو فعل العبد تجاه الرب جل وعلا *
أما معناه الشامل فهو :أن يصدر كل فعل من العبد تجاه الله تعالى من دعاء ونذر ونحر ورجاء وخوف ورغبة ورهبة وإنابة
أن تكون كل هذه الأفعال لله وحده لا شريك له وهذا التوحيد هو الذي وقع نزاع في قديم الدهر وحديثه والأدلة على هذا كثيرة في القرآن الكريم وأصل العبادة هو تجريد الإخلاص لله تعالى وحده وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم *
بعض الآيات الدالة على وحدانية الله جل وعلا :
قال تعالى{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }غافر60
قال تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً }الجن18
قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ }الأنبياء25
قال تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }الحج62
قال تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7
قال تعالى {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31
ثانياً \ توحيد الربو بيه
هو التوحيد الذي أقر به الكفار في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفى زمننا هذا ولم يدخلهم هذا في الإسلام وقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم واستحل دمائهم وأموالهم وهو توحيد الله بفعله تعالى والأدلة على هذا كثيرة أكثر من أن تحصر واشهر من أن تذكر
قال تعالى {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }يونس31
قال تعالى قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{84} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ{85} قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ{86} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ{87} قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{88} سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ{89} المؤمنون
والأدلة على توحيد الربو بيه كثيرة
**************
توحيد الأسماء والصفات
********************
يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز \
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4} إن الله سبحانه وتعالى قد ذكر لنا أسمائه وصفاته جل وعلا في القرآن الكريم فإذا جاء نص في القرآن الكريم بإثبات صفة السمع لله تعالى في قوله تعالى {وهو السميع البصير }*
فإن الموقف هنا هو إثبات صفة السمع له سبحانه على الوجه الذي يليق بجلاله\ وعليه نقول {إن لله جل علاه سمع يليق بجلاله قد أحاط بكل شيء مسموع ؛ لا يخفى عليه صوت عظم هذا الصوت أو خفت ؛ فهو يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء }*
وهكذا صفة البصر وهكذا صفة العلم وعلى هذا في جميع صفات الله عز وجل ومن القواعد التي يجب للإنسان ألا يخترقها هو في صفة الاستواء في قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }طه5
فإن المعتزلة قد فسروها على نحو { استولى } وقد فسرها الكثير على هذا النحو في زمننا هذا ومن بينهم شيوخ وعلماء حاليين كبار ومشهورين ويؤخذ بكلامهم هداهم الله جميعا أما المفترض هو أن لا تفهم هذه الكلمة بهذا النحو فالمفترض ألا يفهم من هذه الصفة المعنى المختص بالمخلوق ؛ بل كل صفه تتحدد بحسب ما تضاف إليه ؛ وعليه فافتراق الخالق عن المخلوق في استوائه واضح بين فللمخلوق استواء يليق به ولله تعالى استواء يليق بجلاله ؛ لذلك عندما سُئل الإمام مالك عن آية الاستواء: وقيل له كيف استوى ؟
قال :{الإستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعه } *
فإن معنى الاستواء هو العلو والارتفاع وهو شيء معلوم أما كيفية اتصاف الله تعالى بهذه الصفة فهذا ما نجهله ، والإيمان بهذا القدر واجب ، وهو إثبات المعنى وتفويض الكيفية ، والسؤال عن الكيفية بدعه ، نهى عنها الشرع المطهر ، فلم ينف الإمام مالك صفة الاستواء عن الله عز وجل ، بل أسبتها له سبحانه ، ونفى علمه بالكيفية ، عملاً بهذه القاعدة العظيمة *
*****************************